اهلاً بالجميع.. إليكم قصة من قصصنا الملهمة كما ترويها أم رانيا.
- alkhloudblog
- Dec 1, 2020
- 6 min read
Updated: Feb 19, 2022
قصـــــة رانيــــا

أبنتي الأميرة رانيا وأنا أحب أن أطلق عليها هذا الاسم لأنها تستحق أن تكون أميرة في الصبر التحدي والقوة على الصعاب.
أبنتي رانيا بدأت قصتها حين كنت حامل بالشهر الخامس وحين أبلغني الطبيب بأننا نستطيع رؤيتها بتصوير ثلاثي الأبعاد وهي جنين، ابلغني الطبيب بعد الفحص والتأكد الجنيني من قياسات معينة للجسم والشكل العام لها بأنها طفلة داون. وكانت المفاجئة التي تغيرت معها فرحة الانتظار لمولودة كانت ابنتي الكبرى على شوق لا يوصف حين علمت أنها تنتظر مولودة بنت مثلها، حيث كان لدي ثلاث أبناء وبنت فقط وكانت رانيا الطفل الخامس لي.. أنا لا اعترض على أقدار الله ولكن لا أخفي مشاعر الحزن لمستقبل طفلة لا اعرف كيف سأتولى رعايتها ومختلفة عن اخوانها، وما كان مني الا ان هيأت نفسي واولادي جميعا وابلغتهم بأننا سوف نستقبل أبنه تحتاج لرعاية خاصة وكنت اشير لهم بما هو شكل أطفال الداون سواء عن طريق التلفزيون او بالنماذج الطبيعية التي اراها بالصدفة في الأماكن العامة وانه يجب علينا جميعا الاهتمام بها.
وكان الطبيب قد أبلغني بان هناك خطر علي بالحمل وانه ممكن إصابتي بنزيف اذا استمر الحمل واعطاني خيار الإجهاض خارج المملكة ولكني رفضت واحمد الله على هذه الطفلة علما بأنه أشار الي انها بدون عظام جمجمة وانه المفروض علي اعتبارها فاكهة فاسدة وقد لا يكون لها فرصة الحياة بعد الولادة. وغيرت المستشفى وولدت ولادة طبيعية وفرحت بولادتي لها وهي بأجمل صورة أعطاها إياها رب العالمين ولله الحمد. ويأتي اليوم الثاني لرانيا بعد الولادة لتخضع لعملية انسداد امعاء وتستمر بالعناية المركزة لشهرين ونصف تقريبا. كنت أذهب اليها للمستشفى بشكل يومي الى ان استقر وضعها وأصبحت عملية الإخراج لديها بشكل طبيعي ، ولكنها حرمت من حنان الام وكيفية الرضاعة الطبيعية وكانت تغذيتها عن طريق الأنف لمدة شهر بعد خروجها من المستشفى وتعلمت طريقة تغذيتها عن طريق أنبوب الانف حتى جاء يوم وتجرأت واخرجت الانبوب الى حيث لا رجعة وجعلتها تعتمد على الارضاع بالرضاعة بطريقة عادية.
وما ان انتهت من هذا الجزء الصعب من حياتها لتدخل المستشفى مجددا لعمل عملية أخرى في القلب لقفل احدى الصمامات بالقلب الذي يؤدي لتدفق الدم للجسم بكمية كبيرة الامر الذي يجعلها تتنفس بشكل سريع كالطيور والذي يفقدها الكثير من وزنها ، تمت العملية بعمر أربعة اشهر ونصف تقريبا وخرجت لتمارس حياة طبيعية ولله الحمد.
بدأت اخذ انفاسي واستعيد قواي، في المنزل بعد خروج رانيا من المستشفى في محاولات للتكيف مع وضع مختلف ليس كسابقة في تربية أحد اطفالي.
وكنت اهتم بجميع ما تحتاجه من تغذية ومخاطبة مع ابنتي وكأنني أربي طفلة عادية على امل ان ارتقي بتطويرها حركيا ولغويا وصحيا واجتماعيا فلا اذكر انني فكرت في يوم ما ان اخجل من عطية الله لي، بل على العكس كنت اصطحبها معي أينما
ذهبت. مرت الأيام وأصبحت رانيا بعامها الثاني وخضعت لعملية أخرى بالمستشفى الا وهي عمل أنبوب للقناة الدمعية وذلك لانسدادها منذ الطفولة والحمد لله نجحت ونظمت نزول الدموع من العين وكنت أفكر دائما كيف ستلتحق رانيا بالروضة وهي بوضع مختلف عن اخوتها لكن اقدار الله ارحم وأكرم لها حيث جاني اتصال ذات يوم من مركز الأمير سلطان بالدمام يعرض علي ان احضر رانيا لجلسات ارشاد أسرى لذوي الاحتياجات الخاصة من فئة الداون ولمدة يومين في الأسبوع على ان يتم حضوري معها وبالفعل الحقت رانيا بالمركز وساعدني المركز على تطوير رانيا حركيا واجتماعيا وتوجيهي للعناية بها من أكثر من جانب بالطريقة الصحيحة وعندما أصبحت رانيا بعمر الثلاث سنوات استطاعت المشي والنطق والتعبير عن الذات ببعض الكلمات ثم تطورت الى ان أصبحت جمل قصيرة.
في مركز سلطان كانت وما زالت طفلة محبوبة من الجميع وكانت أقرب ما يكون لطفل طبيعي وذلك بفضل الله ثم مساعدتي انا وافراد اسرتي لها.
في يوم اشارت لي معلمتها ان نشاط رانية قد قل وهي بصفة مستمرة تضع رأسها على الطاولة وتشارك لو طلب منها ثم تعود لتضع رأسها وكأنها بحاجة للنوم وسبحان مسبب الأسباب. في المنزل جاءتها حالة من الاسهال المتكرر ما دفعني لأخذها للمستشفى ولأكتشف بعد تحليل الدم ان الهيموجلوبين نزل الى اربعه وكانت صدمة بالنسبة لي لعدم معرفة السبب وهذا ما كان يجعلها ترغب بالنوم بالصف تم نقل دم لها بالمستشفى وأخذت تقرير بأن لديها نزيف مزمن غير معروف سببه وخرجت من المستشفى باليوم الثاني لتكمل علاجها في مستشفى التعليمي بالخبر واستمرت مدة 11 يوم تقريبا. وذكر لي سبب آخر بأن لديها فايروس السالمونيلا. وخرجت بعد ذلك دون أن يتم أي شيء فيما يخص النزيف المزمن!!!!
كان العام الثالث والرابع بالنسبة لرانيا ولي أجمل سنوات العمر التي عاشتها أقرب ما تكون لطفلة طبيعية مرحة وطلقة الكلام الى ان أصبحت بعمر الخمس سنوات ثم حدثت المفاجأة التي لم تكن في الحسبان.
الجميل في مركز الأمير سلطان انني كنت اشعر بأن رانيا كانت في اسرة تحيطها بالاهتمام من جميع النواحي وهذا ما جعلني اتقبل المفاجأة بنوع من الصبر والتعامل ، لاحظت الاخصائية النفسية بالمركز لوجود علامات بلوغ مبكر لدى ابنتي من هذا العمر والذي يعتبر امر غريب للأطفال الأسوياء والذي لا يمكننا توقعه بعمر الخامسة ولكن لأطفال الداون قد يكون الأمر مختلف فقد ذكرت لي أن ما لاحظته عليها جسديا قد يكون خلل هرموني او بلوغ مبكر يحتاج لمراجعة اخصائي الغدد فتوجهت للطبيب وكان رده بأول زياره أنها فعلا لديها بلوغ مبكر وتحتاج لأبره شهريه لتأخير البلوغ.
نأتي للمفاجأة الثانية في نفس العمر وبعد عدة أشهر كان يوم الجمعة ويوم إجازة نهاية الأسبوع في المنزل حين كنت أعد نفسي والجميع يستعد ليوم جميل نقضيه سويا واستعداد زوجي وأبنائي للصلاة وأنا أرى ابنتي برفقة المربية وهي تشير لي بأن رانيا لا تستطيع الوقوف ولا تستطيع رفع يدها اليسرى والتواء واضح بالوجه بالناحية اليسرى واخذت احاكي ابنتي والاحظ ان لديها صعوبة حتى بالكلام واطلب منها رفع يدها اليسرى ولا تستطيع وكأن هذا الجزء معلق في جسدها دون فائدة ولم يكن بإمكانها حتى الوقوف حينها كان والدها قد خرج من المنزل لصلاة الجمعة ولم يعلم بما حدث، وبأسرع وقت اخذت رانيا والمربية والسائق وتوجت بها لمستشفى التعليمي بالخبر، وبقسم الطوارئ اخذت ساعات من الانتظار علني اجد إجابة تؤكد لي ما كنت اتوقعه.
عملت لها اشعه مقطعيه للرأس بعد كثير من الأسئلة طرحت علي عن ماذا حدث لرانيا، لا حركة باليد والرجل اليسرى وشبه شلل بالوجه بالجانب الأيسر مع صعوبة الكلام وفي هذه الاثناء وبتواجدها في قسم الطوارئ أصيبت أيضا بنوبة صرع وهذا شيء لم اره مسبقا في حياتي كنت اعتقد انها تصارع الموت حتى جاءت الممرضة والطبيبة المناوبة مسرعة واعطيت ابره مهدئه لهذا الغرض.
انتهت صلاة الجمعة وعلم والدها بوجودي بالمستشفى وحضر ليشاركني في الوقوف لجانبها في حيرة من امرنا وتأتي بعد ذلك الطبيبة لتخبرني بنتيجة الأشعة، فذكرت لي من احتمالية وجود جلطة لديها غير متأكدة تماما وانها تحتاج لتحويل لمستشفى اخر لعدم وجود استشاري أعصاب أطفال بنفس المستشفى وانه لا جدوى من الانتظار فطلبت نقلها بسيارة الإسعاف فجاءني الرد ان توفر سيارة الإسعاف يحتاج لطلب قد يستغرق 8ساعات فما كان مني الا ان اخذت ابنتي لمستشفى الولادة والأطفال بالدمام. تذكروا أن الله إذا احب عبد أبتلاه..
طبيب بأجهزة متعطلة عن العمل ومستشفى بلا طبيب وبجهاز يعمل والنتيجة تدهور حالة رانيا!!! في مستشفى الولادة والأطفال وبعد انتظار دام طويلا في الطوارئ والسبب عدم توفر سرير ولكن ماذا علي ان افعل بعد تعذر المستشفى التعليمي من عدم تواجد طبيب متخصص للأعصاب للأطفال وبعد فتره طويلة من الانتظار تم التنويم.
في اليوم التالي اتفاجأ بمشكلة أعظم وهي وجود طبيب متخصص استشاري أعصاب أطفال ووجود جهاز تالف لا يعمل للكشف والتأكد من وجود جلطة. وتزداد الحالة سوء ويتم نقلها لعمل اشعة الرنين للتأكد من وجود جلطة بالمستشفى المجاور ، ثم عدنا للولادة والأطفال ويأتي صبيحة اليوم التالي ويأتي الطبيب الاستشاري ليخبرني بنتيجة الاشعة، وكان توقعي في محله اخبرني بأن رانيا لديها جلطة بالدماغ بالجانب الأيمن، آنذاك كانت رانيا بحالة صحية سيئة بسبب التشخيص المتأخر. تأثر الجانب الايسر بالكامل بعدها بدأت تأخذ مسيلات للدم استمرينا هناك مدة 11يوم بعدها نقلت ابنتي الى مستشفى التخصصي لاستكمال علاجها. استمرت مدة 13 يوم هناك تعرضت اثناء هذه الفترة لنزيف حاد كاد يقضي حياتها بسبب مسيلات الدم ونقل لها كميه من الدم بعد ذلك وصرف لها نوع اخر من المسيلات للدم، أصبحت اقل تركيز من السابق لحاجتها الماسة لتخفيف أثر الجلطة.
بعدها خرجنا من المستشفى بعد تدريبي وتعليمي بالمستشفى لإعطائها ابر مسيلة للدم لمدة سبعة أشهر. تكررت الجلطات الدماغية لديها ثلاث مرات وفي كل مره يزداد الوضع سوء وبالمرة الأخيرة فقدت النطق لمدة شهرين بالإضافة الى التأثير العام على حركة الجسم والأطراف والبلع.
وما كان مني الا ان وقفت لجانبها بكل ما أستطيع لإعادة تأهيلها ومساعدتها للحركة من جديد وبفضل الله عاد النطق والحركة بعد معاناة طويلة.
(انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب)
خضعت رانيا لمرات عديدة للمناظير للجهاز الهضمي على امل معرفة الأسباب لنقص الهيموجلوبين بصفه مستمرة حيث كان ينقل لها دم بمعدل مره كل شهرين واستمر الحال من عمر الخمس سنوات الى عامها الحادي عشر.
بعدما قرر الأطباء انها تعاني من وجود جزء بالأمعاء الغليظة لا يوجد به أعصاب ومع خروج البراز تتهتك الانسجة في ذلك الجزء مما سبب لها نزيف مزمن يقل بسببه نسبة الهيموجلوبين بالدم فتحتاج لنقل الدم وبعد فشل العلاجات وتغيرها لأربع مرات لعلاج ذلك الجزء بالأمعاء حدد لرانيا اجراء عمليتين.
الأولى عمل كيس اخراجي لخارج الجسم وذلك للتخلص من التضخم الموجود بالأمعاء والعملية الأخرى تتبعها بعد ستة أشهر على اقل تقدير والتي مقرر فيها استئصال ذلك الجزء التالف من الأمعاء الغليظة بمقدار 30سم. استمرت رانيا مدة لا تقل عن 14 شهرا بالكيس الخاص للإخراج وبعدها تمت العملية وتم استئصال 80 سم من الأمعاء الغليظة بعد اكتشاف الطبيب اثناء العملية بأن كل ذلك الجزء بلا أعصاب فسبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم فيما خلق.
انتقلت بعد العملية مباشرة الى العناية المركزة مدة ثلاثة أيام وبعدها خرجت من المستشفى والان ولله الحمد بدأت بعد مرور شهرين من العملية تتحسن بشكل تدريجي وتوقف ذلك النزيف الذي استمر مدة 8سنوات.
آمل ان تكون دفعة أمل لكل ام تعاني فكلنا نعاني ولكن بظروف مختلفة والاهم من ذلك كوني ام واعية بكل ما يحدث لابنك او ابنتك من تغيرات صحية فقد تنقذي طفلك وحياته بالتصرف الصحيح. وكوني واعية جدا لاي علاج يعطى لطفلك وانتباهك ووجودك بجانبه بالمستشفى قد ينقذه من أخطاء طبيه لا تحمد عقباها دائما. احمد الله على ان رانيا جزء جميل بكل تفاصيله الحلوة والمرة في حياتي ففي كل الأحوال اكسبتني سعادة الدارين احبك رانيا وأتمنى ان تكبري وتقرأي هذه القصة.
والدتك سناء المعمر

Comentarios